الأربعاء، 20 أغسطس 2008

أثر الفراشة



أَثَرُ الفراشة لا يُرى
أَثَرُ الفراشة لا يزولُ



هو جاذبيّةُ غامضٍ
يستدرج المعنى، ويرحلُ
حين يتَّضحُ السبيلُ


هو خفَّةُ الأبديِّ في اليوميّ
أشواقٌ إلى أَعلى
وإشراقٌ جميلُ

هو شامةٌ في الضوء تومىء
حين يرشدنا إلى الكلماتِ
باطننا الدليلُ


هو مثل أُغنية تحاولُ
أن تقول، وتكتفي
بالاقتباس من الظلالِ
ولاتقول...
أَثَرُ الفراشة لا يُرى
أَثَرُ الفراشة لا يزولُ!

ريتا .. أحبيني


في كلّ أمسية، نخّبيء في أثينا
قمرا و أغنية. و نؤوي ياسينا

قالت لنا الشرفات:
لا منديله يأتي
و لا أشواقه تأتي
و لا الطرقات تحترف الحنينا.


نامي! هنا البوليس منتشر
هنا البوليس، كالزيتون، منتشر
طليقا في أثينا
في الحلم، ينضم الخيال إليم
تبتعدين عني.
و تخاصمين الأرض
تشتعلين كالشفق المغنّي
ويداي في الأغلال.
"سنتوري" بعيد مثل جسمك
في مواويل المغنّ..

ريتا.. أحبّيني و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين ..

الحبّ ممنوع..
هنا الشرطيّ و القدر العتيق
تتكسر الأصنام إن أعلنت حبك
للعيون السود
قطاع الطريق
يتربصون بكل عاشقة
أثينا.. يا أثينا.. أين مولاتي؟
_على السكّين ترقص
جسمها أرض قديمة
و لحزنها وجهان:
وجه يابس يرتدّ للماضي
ووجه غاص في ليل الجريمة

و الحب ممنوع ،
هنا الشرطيّ، و اليونان عاشقة يتيمة
في الحلم، ينضمّ الخيال إليك ،
يرتدّ المغني
عن كل نافذة، و يرتفع الأصيل
عن جسمك المحروق بالأغلال
و الشهوات و الزمن البخيل.
نامي على حلمي. مذاقك لاذع
عيناك ضائعتان في صمتي
و جسمك حافل بالصيف و الموت الجميل .
في آخر الدنيا أضمّك
حين تبتعدين ملء المستحيل .

ريتا.. أحبّيني! و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين ..

منفاي: فلاّحون معتقلون في لغة الكآبة
منفاي: سجّانون منفيون في صوتي..
و في نغم الربابة
منفاي: أعياد محنّطة.. و شمس في الكتابة
منفاي: عاشقة تعلق ثوب عاشقها
على ذيل السحابة
منفاي: كل خرائط الدنيا
و خاتمة الكآبه
في الحلم، شفّاف ذراعك
تحته شمس عتيقة
لا لون للموتى، و لكني أراهم
مثل أشجار الحديقة
يتنازعون عليك،
ضميهم بأذرعة الأساطير التي وضعت حقيقة
لأبرّر المنفى، و أسند جبهتي
و أتابع البحث الطويل
عن سرّ أجدادي، و أول جثة
كسرت حدود المستحيل.
في الحلم شفّاف ذراعك
تحته شمس عتيقة
و نسيت نفسي في خطى الإيقاع
ثلثي قابع في السجن
و الثلثان في عشب الحديقة

ريتا.. أحبّيني! و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين ..

الحزن صار هوية اليونان،
و اليونان تبحث عن طفولتها
و لا تجد الطفولة
تنهار أعمدة الهياكل
أجمل الفرسان ينتحرون.
و العشّاق يفترقون
في أوج الأنوثة و الرجوله .
دعني و حزني أيّها الشرطيّ،
منتصف الطريق محطّتي ،
و حبيبتي أحلى قتيلة.
ماذا تقول؟
تريد جثذتها؟
لماذا؟
كي تقدمها لمائدة الخليفة؟
من قال إنك سيدي ؟
من قال إن الحبّ ممنوع ؟
و إن الآلهه
في البرلمان ؟
و إن رقصتنا العنيفة
خطر على ساعات راحتك القلية؟!


الحزن صار هوية اليونان،
و اليونان تبحث عن طفولتها
و لا تجد الطفولة.
حتى الكآبه صادرتها شرطة اليونان
حتى دمعة العين الكحيلة.
في الحلم، تتّسع العيون السود
ترتجف السلاسل ..
يستقبل الليل..
تنطلق القصيدة
بخيالها الأرضيّ ،
يدفعها الخيال إلى الأمام.. إلى الأمام
بعنف أجنحة العقيدة
و أراك تبتعدين عني
آه.. تقتربين مني
نحو آلهة جديدة.
ويداي في الأغلال، لكني
أداعب دائما أوتار سنتوري البعيدة
و أثير جسمك..
تولد اليونان..
تنتشر الأغاني ..
يسترجع الزيتون خضرته ..
يمر البرق في وطني علانية
و يكتشف الطفوله عاشقان..
ريتا.. أحبّيني !و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أحزان السجين..

أنا آت الى ظل عينيك


أنا آت إلى ظل عينيك ..آت
من خيام الزمان البعيد، و من لمعان السلاسل


أنت كل النساء اللواتي
مات أزواجهن، و كل الثواكل
أنت
أنت العيون التي فرّ منها الصباح
حين صارت أغاني البلابل
ورقا يابسا في مهب الرياح!

أنا آت إلى ظلّ عينيك.. آت
من جلود تحاك السجاجيد منها.. و من حدقات
علقت فوق جيد الأميرة عقدا.
أنت بيتي و منفاي.. أنت
أنت أرضي التي دمّرتني
أنت أرضي التي حوّلتني سماء..
و أنت
كل ما قيل عنك ارتجال و كذبه

لست سمراء،
لست غزالا،
و لست الندى و النبيذ،
و لست
كوكبا طالعا من كتاب الأغاني القديمة
عندما ارتجّ صوت المغنين.. كنت
لغة الدم حين تصير الشوارع غابه
و تصير العيون زجاجا
و يصير الحنين جريمة
لا تموتي على شرفات الكآبه
كلّ لون على شفتيك احتفال
بالليالي التي انصرمت.. بالنهار الذي سوف يأتي
إجعلي رقبتي عتبات التحول،
أول سطر بسفر الجبال
الجبال التي أصبحت سلما نحو موتي !
و السيط التي احترقت فوق ظهري و ظهرك
سوف تبقى سؤال
أين سمسار كل المنابر؟


أين الذي كان.. كان يلوك حجارة قبري و قبرك
ما الذي يجعل الكلمات عرايا؟
ما الذي يجعل الريح شوكا، و فحم الليالي مرايا؟
ما الذي ينزع الجلد عني، و يثقب عظمي؟
ما الذي يجعل القلب مثل القذيفه؟
وضلوع المغنين سارية للبيارق؟
ما الذي يفرش النار تحت سرير الخليفة؟
ما الذي يجعل يجعل الشفتين صواعق؟

غير حزن المصفد حين يرى
أخته.. أمه.. حبه
لعبة بين أيدي الجنود
و بين سماسرة الخطب الحامية
فيعض القيود. و يأتي
إلى الموت.. يأتي
إلى ظل عينيك.. يأتي!
أنا آت إلى ظل عينيك آت
من كتاب الكلام المحنط فوق الشفاه المعاده
أكلت فرسي، في الطريق، جراده
مزّقت جبهتي، في الطريق، سحابه
صلبتني على الطريق ذبابة!


فاغفري لي..
كل هذا الهوان ،اغفري لي
انتمائي إلى هامش يحترق !
و اغفري لي قرابه
ربطتني بزوبعة في كؤوس الورق
و اجعليني شهيد الدفاع
عن العشب
و الحب
و السخرية
عن غبار الشوارع أو غبار الشجر
عن عيون النساء جميع النساء
و عن حركات الحجر.

و اجعليني أحب الصليب الذي لا يحب
واجعليني بريقا ضغيرا بعينيك
حين ينام اللهب

أنا آت إلى ظل عينيك.. آت
مثل نسر يبيعون ريش جناحه
و يبيعون نار جراحه
بقناع. و باعوا الوطن
بعصا يكسرون بها كلمات المغني
و قالوا: اذبحوا و اذبحوا..
ثم قالوا هي الحرب كر وفر
ثم فروا..
وفروا
وفروا..
و تباهوا.. تباهوا..

أوسعوهم هجاء وشتما، و أودوا بكل الوطن !
حين كانت يداي السياج، و كنت حديقه
لعبوا النرد تحت ظلال النعاس
حين كانت سياط جهنم تشرب جلدي
شربوا الخمر نخب انتصار الكراسي !..
حين مرت طوابير فرسانهم في المرايا
ساومونا على بيت شعر، و قالوا:
ألهبوا الخيل.كل السبايا
أقبلت أقبلت من خيام المنافي
كذبوا لم يكن جرحنا غير منبر
للذي باعة.. باع حطين.. باع السيوف ليبني منبر
نحو مجد الكراسي!

أنا آت إلى ظل عينيك.. آت
من غبار الأكاذيب.. آت
من قشور الأساطير آت
أنت لي.. أنت حزني و أنت الفرح
أنت جرحي و قوس قزح
أنت قيدي و حريتي
أنت طيني و أسطورتي
أنت لي.. أنت ل..ي بجراحك
كل جرح حديقة !
أنت لي.. أنت لي.. بنواحك
كل صوت حقيقه
أنت شمسي التي تنطفيء
أنت ليلي الذي يشتعل
أنت موتي ،و أنت حياتي

و سآتي إلى ظل عينيك.. آت
وردة أزهرت في شفاه الصواعق
قبلة أينعت في دخان الحرائق
فاذكريني ..إذا ما رسمت القمر
فوق وجهي ،و فوق جذوع الشجر
مثلما تذكرين المطر
و كما تذكرين الحصى و الحديقه
و اذكريني ،
كما تذكرين العناوين في فهرس الشهداء
أنا صادقّت أحذية الصبية الضعفاء
أنا قاومت كل عروش القياصرة الأقوياء
لم أبع مهرتي في مزاد الشعار المساوم
لم أذق خبز نائم
لم أساوم
لم أدق الطبول لعرس الجماجم
و أنا ضائع فيك بين المراثي و بين الملاحم
بين شمسي و بين الدم المستباح
جئت عينيك حين تجمد ظلي
و الأغاني اشتهت قائليها!..

الجسر



مشيا على الأقدام،
أو زحفا على الأيدي نعود




قالوا..
و كان الضخر يضمر
و المساء يدا تقود ..



لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق
دم و، مصيدة ، و بيد
كل القوافل قبلهم غاصت،



و كان النهر يبصق ضفّتيه
قطعا من اللحم المفتت،
في وجوه العائدين

كانوا ثلاثة عائدون:
شيخ، و ابنته، وجندي قديم
يقفون عند الجسر..
كان الجسر نعاسا، و كان الليل قبّعة
و بعد دقائق يصلون ،هل في البيت ماء؟



و تحسس المفتاح ثم تلا من القرآن آيه ...)
قال الشيخ منتعشا: و كم من منزل في الأرض
يألفه الفتي
قالت: و لكن المنازل يا أبي أطلال!
فأجاب: تبنيها يدان ..
و لم يتم حديثه، إذ صاح صوت في الطريق: تعالوا!


و تلته طقطقة البنادق ..
لن يمرّ العائدون
حرس الحدود مرابط
يحمي الحدود من الحنين


(أمر بإطلاق الرصاص على الذي يجتاز
هذا الجسر. هذا الجسر مقصلة الذي رفض
التسول تحت ظل وكالة الغوث الجديدة
و الموت بالمجان تحت الذل و الأمطار، من
يرفضه يقتل عند هذا الجس، هذا الجسر
مقصلة الذي ما زال يحلم بالوطن )


الطلقة الأولى أزاحت عن جبين اللليل
قبعة الظلام
و الطلقة الأخرى..
أصابت قلب جندي قديم


و الشيخ يأخذ كف ابنته و يتلو
همسا من القرآن سورة
و بلهجة كالحلم قال:
_عينا حبيبتي الصغيرة،
لي، يا جود، ووجهها القمحي لي
لا تقتلوها ، و اقتلوني


(كانت مياه النهر أغزر.. فالذين
رفضوا هناك الموت بالمجان أعطوا النهر لونا آخرا.
و الجسر، حين يصير تمثالا، سيصبغ_ دون
ريب_ بالظهيرة و الدماء و خضرة الموت
المفاجيء)



..و برغم أن القتل كالتدخين ..
لكنّ الجنود "الطيبين".
الطالعين على فهارس دفتر ..
قذفته أمعاء السنين .
لم يقتلوا الاثنين..


كان الشيخ يسقط في مياه النهر
و البنت التي صارت يتيمه
كانت ممزقة الثياب ،
وطار عطرك الياسمين
عن صدرها العاري الذي
ملأته رائحة الجريمة
و الصمت خيم مرة أخرى ،



و عاد النهر يبصق ضفتيّه
قطعا من اللحم المفتت
..في وجوه العائدين

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق
دم و مصيدة. و لم يعرف أحد
شيئا عن النهر الذي
يمتص لحم النازحين


الجسر يكبر كل يوم كالطريق،
و هجرة الدم في مياه النهر تنحت من حصى
الوادي تماثيلا لها لون النجوم، و لسعة الذكرى،
و طعم الحب حين يصبر أكبر من عبادة)

عازف الجيتار المتجول

كان رسّاما،
ولكن الصّور
عادة،
لا تفتح الأبواب
لا تكسرها..
لا تردّ الحوت عن وجه القمر.
(يا صديقي ،أيّها الجيتار
خذني..
للشبابيك البعيده)
شاعرا كان،
ولكن القصيده
يبست في الذاكره
عندما شاهد يافا
فوق سطح الباخره
(يا صديقي ، أيّها الجيتار
خذني..
للعيون العسليّه)

كان جنديّا،
ولكن شظيّه
طحنت ركبته اليسرى
فأعطوه هديّه:
رتبة أخرى
ورجلا خشبّيه!..
(يا صديقي ، أيّها الجيتار
خذني..
للبلاد النائمه)
عازف الجيتار يأتي
في الليالي القادمه
عندما ينصرف الناس ألى جمع تواقيع الجنود
عازف الجيتار يأتي
من مكان لا نراه
عندما يحتفل الناس بميلاد الشهود
عازف الجيتار يأتي
عاريا، أو بثياب داخليّه.
عازف الجيتار يأتي
وأنا كدت أراه
وأشمّ الدم في أوتاره
وأنا كدت أراه
سائرا في كل شارع
كدت أن أسمعه
صارخا ملءالزوابع
حدّقوا:
تلك رجل خشبّيه
واسمعوا:
تلك موسيقى اللحوم البشريّه

عائد الى يافا


هو الآن يرحل عنا
ويسكن يافا
و يعرفها حجرا حجرا
و لا شيء يشبهه
و الأغاني
تقّلده..
تقلد موعده الأخضرا.

هو الآن يعلن صورته_
و الصنوبر ينمو على مشنقة
هو الآن يعلن قصّته_
و الحرائق تنمو على زنبقة

هو الآن يرحل عنا
ليسكن يافا
و نحن بعيدون عنه.
و يافا حقائب منسية في مطار
و نحن بعيدون عنه.

لنا صور في جيوب النساء.
و في صفحات الجرائد،
نعلن قصّتنا كل يوم
لنكسب خصلة ريح وقبلة نار.
و نحن بعيدون عنه،

نهيب به أن يسير إلى حتفه..
نحن نكتب عنه بلاغا فصيحا
و شعرا حديثا
و نمضي.. لنطرح أحزاننا في مقاهي الرصيف
و نحتجّ: ليس لنا في المدينة دار.
و نحن بعيدون عنه،

نعانق قاتله في الجنازة،
نسرق من جرحة القطن حتى نلمع
أوسمة الصبر و الانتظار

هو الآن يخرج منا
كما تخرج الأرض من ليلة ماطره
و ينهمر الدم منه
و ينهمر الحبر منّا.
و ماذا نقول له؟- تسقط الذاكرة
على خنجر؟
و المساء بعيد عن الناصرة !
هو الآن يمضي إليه
قنابل أو.. برتقاله

و لا يعرف الحدّ بين الجريمة حين تصير حقوقا
و بين العدالة
و ليس يصدّق شيئا
و ليس يكذب شيئا.

هو الآن يمضي.. و يتركنا
كي نعارض حينا
و نقبل حينا .

هو الآن يمضي شهيدا
و يتركنا لاجئينا!
و نام
و لم يلتجيء للخيام
و لم يلتجيء للموانيء
و لم يتكلّم
و لم يتعّلم
و ما كان لاجيء
هي الأرض لاجئة في جراحة
و عاد بها .

لا تقولوا: أبانا الذي في السموات
قولوا: أخانا الذي أخذ الأرض منا
و عاد..

هو الآن يعدم
و الآن يسكن يافا
و يعرفها حجرا.. حجرا
و لا شيء يشبهه
و الأغاني
تقلّده.

تقلد موعده الأخضرا
لترتفع الآن أذرعة اللاجئين
رياحا.. رياحا
لتنشر الآن أسماؤهم
جراحا.. جراحا.
لتنفجر الآن أجسادهم
صباحا.. صباحا.

لتكتشف الأرض عنوانها
و نكتشف الأرض فينا.

المدينة المحتلة


الطفلة احترقت أمّهاا
أمامها..
احترقت كالمساء.

وعلّموها: يصير اسمها_
في السّنة القادمه_
سيدة الشهداء
وسوف تأتي إليها
إذا وافق الأنبياء!


الطفلة احترقت أمها
أمامها..
احترقت كالمساء

من يومها،
لا تحب القمر
ولا الدّمى
كلّما
جاء المسا، صرخت كلّها:
أنا قتلت القمر
لأنه قال لي.. قال.. قال:
أمّك لا تشبه البرتقال
ولا جذوع الشجر
أمك في القبر
لا في السماء.

الطفلة احترقت أمها
أمامها..
احترقت كالمساء..

الآن في المنفى

الآن، في المنفى ... نعم في البيتِ،
في الستّينَ من عُمْرٍ سريعٍ
يُوقدون الشَّمعَ لك
فافرح، بأقصى ما استطعتَ من الهدوء،
لأنَّ موتاً طائشاً ضلَّ الطريق إليك
من فرط الزحام.... وأجّلك

قمرٌ فضوليٌّ على الأطلال,
يضحك كالغبي
فلا تصدِّق أنه يدنو لكي يستقبلك

هُوَ في وظيفته القديمة، مثل آذارَ
الجديدِ ... أعادَ للأشجار أسماءَ الحنينِ
وأهمَلكْ
فلتحتفلْ مع أصدقائكَ بانكسار الكأس.
في الستين لن تجِدَ الغَدَ الباقي
لتحملَهُ على كتِفِ النشيد ... ويحملكْ
قُلْ للحياةِ، كما يليقُ بشاعرٍ متمرِّس:
سيري ببطء كالإناث الواثقات بسحرهنَّ
وكيدهنَّ. لكلِّ واحدةْ نداءُ ما خفيٌّ:
هَيْتَ لَكْ / ما أجملَكْ!

سيري ببطءٍ، يا حياةُ ، لكي أراك
بِكامل النُقصان حولي. كم نسيتُكِ في
خضمِّكِ باحثاً عنِّي وعنكِ.
وكُلَّما أدركتُ سرَاً منك قُلتِ بقسوةٍ:
ما أّجهلَكْ!
قُلْ للغياب: نَقَصتني
وأنا حضرتُ ... لأُكملَكْ!

عناوين للروح خارج هذا المكان

أحب السفر
إلى قريةٍ لم تعلّق مسائي الأخير على سروها. وأحب الشجر
على سطح بيتٍ رآنا نعذّب عصفورتين، رآنا نربي الحصى
أما كان في وسعنا أن نربي أيامنا
لتنمو على مهل في اتجاه النبات؟
أحب سقوط المطر
على سيدات المروج البعيدة. ماءٌ يضيء. ورائحة صلبةٌ كالحجرْ
أما كان في وسعنا أن نغافل أعمارنا،
وأن نتطلع أكثر نحو السماء الأخيرة قبل أفول القمر؟ عناوين للروح خارج هذا المكان.
أحب الرحيل
إلى أي ريحٍ .. ولكنني لا أحب الوصول.

علي هذه الارض

على هذه الأرض ما يستحق الحياة: تردد إبريل، رائحة الخبزِ

في الفجر، آراء امرأة في الرجال، كتابات أسخيليوس ، أول

الحب، عشب على حجرٍ، أمهاتٌ تقفن على خيط ناي، وخوف

الغزاة من الذكرياتْ.

على هذه الأرض ما يستحق الحياةْ: نهايةُ أيلولَ، سيّدةٌ تترُكُ

الأربعين بكامل مشمشها، ساعة الشمس في السجن، غيمٌ يُقلّدُ

سِرباً من الكائنات، هتافاتُ شعب لمن يصعدون إلى حتفهم

باسمين، وخوفُ الطغاة من الأغنياتْ.

على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ: على هذه الأرض سيدةُ

الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارتْ

تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة.

الى أمي

أحنّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي
و لمسة أمي
و تكبر في الطفولة
يوما على صدر يوم
و أعشق عمري لأني
إذا متّ،
أخجل من دمع أمي!
خذيني ،إذا عدت يوما
وشاحا لهدبك
و غطّي عظامي بعشب
تعمّد من طهر كعبك
و شدّي وثاقي..
بخصلة شعر
بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..
عساي أصير إلها
إلها أصير..
إذا ما لمست قرارة قلبك!
ضعيني، إذا ما رجعت
وقودا بتنور نارك..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت ،فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب الرجوع..
لعشّ انتظارك!

بطاقة هوية


سجل
أنا عربي
و رقم بطاقتي خمسون ألف
و أطفالي ثمانية
و تاسعهم سيأتي بعد صيف
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
و أعمل مع رفاق الكدح في محجر
و أطفالي ثمانية
أسل لهم رغيف الخبز
و الأثواب و الدفتر
من الصخر
و لا أتوسل الصدقات من بابك
و لا أصغر
أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
أنا إسم بلا لقب
صبور في بلاد كل ما فيها
يعيش بفورة الغضب
جذوري
قبل ميلاد الزمان رست
و قبل تفتح الحقب
و قبل السرو و الزيتون
و قبل ترعرع العشب
أبي من أسرة المحراث
لا من سادة نجب
وجدي كان فلاحا
بلا حسب و لا نسب
يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب
و بيتي كوخ ناطور
من الأعواد و القصب
فهل ترضيك منزلتي
أنا إسم بلا لقب
سجل
أنا عربي
و لون الشعر فحمي
و لون العين بني
و ميزاتي
على رأسي عقال فوق كوفية
و كفى صلبة كالصخر
تخمش من يلامسها
و عنواني
أنا من قرية عزلاء منسية
شوارعها بلا أسماء
و كل رجالها في الحقل و المحجر
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
سلبت كروم أجدادي
و أرضا كنت أفلحها
أنا و جميع أولادي
و لم تترك لنا و لكل أحفادي
سوى هذي الصخور
فهل ستأخذها
حكومتكم كما قيلا
إذن
سجل برأس الصفحة الأولى
أنا لا أكره الناس
و لا أسطو على أحد
و لكني إذا ما جعت
آكل لحم مغتصبي
حذار حذار من جوعي
و من غضبي

عبرون في كلام عابر


عابرون في كلام عابر :

ـ 1ـ
أيها المارون بين الكلمات العابره
احملوا اسماءكم، وانصرفوا
واسرقوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكره
وخذوا ما شئتم من صور ، كي تعرفوا
انكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من ارضنا سقف السماء
ـ2ـ
أيها المارون بين الكلمات العابره
منكم السيف ـ ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار ـ ومنا لحمنا
منكم دبابة اخرى ـ ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز ـ ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا
وعلينا ، نحن ، ان نحرس ورد الشهداء
وعلينا ، نحن ، ان نحيا كما نحن نشاء!
ـ 3ـ
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر ، مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في ارضنا ما نعمل
ولنا قمح نربيه ونسقيه ندى اجسادنا
ولنا ما ليس يرضيكم هنا:
حجر .. او خجل
فخذوا الماضي، اذا شئتم، الى سوق التحف
واعيدوا الهيكل العظمى للهدهد، إن شئتم،
على صحن خزف.
فلنا ما ليس يرضيكم : لنا المستقبل
ولنا في ارضنا ما نعمل
ـ4ـ
أيها المارون بين الكلمات العابره
كدسوا اوهامكم في حفرة مهجورة ، وانصرفوا
واعيدوا عقرب الوقت الى شرعية العجل المقدس
أو الى توقيت موسيقى مسدس!
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم، وطن ينزف شعبا ينزف
وطنا يصلح للنسيان او للذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابره
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ، ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في ارضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الاول
ولنا الحاضر، والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا... والآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برنا.. من بحرنا
من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا
من كل شيء ، واخرجوا
من مفردات الذاكره
أيها المارون بين الكلمات العابره!

ريتا والبندقية


بين ريتا وعيوني.. بندقيهْ
والذي يعرف ريتا ، ينحني
ويصلي
لإلهٍ في العيون العسليّهْ!


.. وأنا قبّلت ريتا
عندما كانت صغيره
وأنا أذكر كيف التصقتْ
بي، وغطّت ساعدي أحلى ضفيره
وأنا أذكر ريتا
مثلما يذكر عصفورٌ غديره
آه .. ريتا
بيننا مليون عصفور وصوره
ومواعيد كثيره
أطلقتْ ناراً عليها.. بندقيّهْ

إسمُ ريتا كان عيداً في فمي
جسم ريتا كان عرساً في دمي
وأنا ضعت بريتا .. سنتينِ.
وهي نامت فوق زندي سنتين
وتعاهدنا على أجمل كأس ، واحترقنا
في نبيذ الشفتين
وولدنا مرتين!
آه .. ريتا
أي شيء ردّ عن عينيك عينيَّ
سوى إغفائتين
وغيوم عسليّهْ
قبل هذي البندقيهْ!
كان يا ما كان
يا صمت العشيّهْ
قمري هاجر في الصبح بعيداً
في العيون العسليّهْ
والمدينة
كنست كل المغنين ، وريتا
بين ريتا وعيوني . بندقيّهْ

أحمد الزعتر



ليدين من حجر و زعتر
هذا النشيد .. لأحمد المنسيّ بين فراشتين
مضت الغيوم و شرّدتني
و رمت معاطفها الجبال و خبّأتني
.. نازلا من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل
البلاد و كانت السنة انفصال البحر عن مدن
الرماد و كنت وحدي
ثم وحدي ...
آه يا وحدي ؟ و أحمد
كان اغتراب البحر بين رصاصتين
مخيّما ينمو ، و ينجب زعنرا و مقاتلين
و ساعدا يشتدّ في النيسان
ذاكرة تجيء من القطارات التي تمضي
و أرصفة بلا مستقبلين و ياسمين
كان اكتشاف الذات في العربات
أو في المشهد البحري
في ليل الزنازين الشقيقة
قي العلاقات السريعة
و السؤال عن الحقيقة
في كل شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه
عشرين عاما كان يسأل
عشرين عاما كان يرحل
عشرين عاما لم تلده أمّه إلّا دقائق في
إناء الموز
و انسحبت .
يريد هويّة فيصاب بالبركان ،
سافرت الغيوم و شرّدتني
ورمت معاطفها الجبال و خبّأتني
أنا أحمد العربيّ - قال
أنا الرصاص البرتقال الذكريات
و جدت نفسي قرب نفسي
فابتعدت عن الندى و المشهد البحريّ
تل الزعتر الخيمة
و أنا البلاد و قد أتت
و تقمّصتني
و أنا الذهاب المستمرّ إلى البلاد
و جدت نفسي ملء نفسي ...
راح أحمد يلتقي بضلوعه و يديه
كان الخطوة - النجمه
و من المحيط إلى الخليج ، من الخليج إلى المحيط
كانوا يعدّون الرماح
و أحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا
و يقفز .
أحمد الآن الرهينه
تركت شوارعها المدينة
و أتت إليه
لتقتله
و من الخليج إلى المحيط ، و من المحيط إلى الخليج
كانوا يعدّون الجنازة
وانتخاب المقصلة
أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار
جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار
و أنا حدود النار - فليأت الحصار
و أنا أحاصركم
أحاصركم
و صدري باب كلّ الناس - فليأت الحصار
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد الكحليّ في الخندق
الذكريات وراء ظهري ، و هو يوم الشمس و الزنبق
يا أيّها الولد الموزّع بين نافذتين
لا تتبادلان رسائلي
قاوم
إنّ التشابه للرمال ... و أنت للأزرق
و أعدّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى
و تتركني ضفاف النيل مبتعدا
و أبحث عن حدود أصابعي
فأرى العواصم كلها زبدا ...
و أحمد يفرك الساعات في الخندق
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق
هو أحمد الكونيّ في هذا الصفيح الضيّق
المتمزّق الحالم
و هو الرصاص البرتقاليّ .. البنفسجه الرصاصيّة
و هو اندلاع ظهيرة حاسم
في يوم حريّه
يا أيّها الولد المكرّس للندى
قاوم !
يا أيّها البلد - المسدس في دمي
قاوم !
الآن أكمل فيك أغنيتي
و أذهب في حصارك
و الآن أكمل فيك أسئلتي
و أولد من غبارك
فاذهب إلى قلبي تجد شعبي
شعوبا في انفجارك
... سائرا بين التفاصيل اتكأت على مياه
فانكسرت
أكلّما نهدت سفرجله نسيت حدود قلبي
و التجأت إلى حصار كي أحدد قامتي
يا أحمد العربيّ ؟
لم يكذب عليّ الحب . لكن كلّما جاء المساء
امتصّني جرس بعيد
و التجأت إلى نزيفي كي أحدّد صورتي
يا أحمد العربيّ .
لم أغسل دمي من خبز أعدائي
و لكن كلّما مرّت خطاي على طريق
فرّت الطرق البعيدة و القريبة
كلّما آخيت عاصمة رمتني بالحقيبة
فالتجأت إلى رصيف الحلم و الأشعار
كم أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر
آه من حلمي و من روما !
جميل أنت في المنفى
قتيل أنت في روما
و حيفا من هنا بدأت
و أحمد سلم الكرمل
و بسملة الندى و الزعتر البلدي و المنزل
لا تسرقوه من السنونو
لا تأخذوه من الندى
كتبت مراثيها العيون
و تركت قلبي للصدى
لا تسرقوه من الأبد
و تبعثروه على الصليب
فهو الخريطة و الجسد
و هو اشتعال العندليب
لا تأخذوه من الحمام
لا ترسلوه إلى الوظيفه
لا ترسموا دمه و سام
فهو البنفسج في قذيفه
صاعدا نحو التئام الحلم
تتّخذ التفاصيل الرديئة شكل كمّثرى
و تنفصل البلاد عن المكاتب
و الخيول عن الحقائب
للحصى عرق أقبّل صمت هذا الملح
أعطى خطبة الليمون لليمون
أوقد شمعتي من جرحي المفتوح للأزهار
و السمك المجفّف
للحصى عرق و مرآه
و للحطاب قلب يمامه
أنساك أحيانا لينساني رجال الأمن
يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب و البصل
الطري و تذهبين إلى البنفسج
فاذكريني قبل أن أنسى يدي
… و صاعدا نحو التئام الحلم
تنكمش المقاعد تحت أشجاري و ظلّك …
يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ
و يختفي المتفرجون على جراحك
فاذكريني قبل أن أنسى يديّ !
و للفراشات اجتهادي
و الصخور رسائلي في الأرض
لا طروادة بيتي
و لا مسّادة وقتي
و أصعد من جفاف الخبز و الماء المصادر
من حصان ضاع في درب المطار
و من هواء البحر أصعد
من شظايا أدمنت جسدي
و أصعد من عيون القادمين إلى غروب السهل
أصعد من صناديق الخضار
و قوّة الأشياء أصعد
أنتمي لسمائي الأولى و للفقراء في كل الأزقّة
ينشدون :
صامدون
و صامدون
و صامدون
كان المخيّم جسم أحمد
كانت دمشق جفون أحمد
كان الحجاز ظلال أحمد
صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين
الأسيرة
صار الحصار هجوم أحمد
و البحر طلقته الأخيرة !
يا خضر كل الريح
يا أسبوع سكّر !
يا اسم العيون و يا رخاميّ الصدى
يا أحمد المولود من حجر و زعتر
ستقول : لا
ستقول : لا
جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ
كي يلغي العواصم
و تقول : لا
جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفة
و التردد .. و الملاحم
نحو اقتحام المرحلة
و تقول : لا
و يدي تحيات الزهوز و قنبلة
مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلة
و تقول : لا
يا أيّها الجسد المضرّج بالسفوح
و بالشموس المقبلة
و تقول : لا
يا أيّها الجسد الذي يتزوّج الأمواج
فوق المقصلة
و تقول : لا
و تقول : لا
و تقول : لا
و تموت قرب دمي و تحيا في الطحين
ونزور صمتك حين تطلبنا يداك
و حين تشعلنا اليراعة
مشت الخيول على العصافير الصغيرة
فابتكرنا الياسمين
ليغيب وجه الموت عن كلماتنا
فاذهب بعيدا في الغمام و في الزراعة
لا وقت للمنفى و أغنيتي ...
سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الرخام
لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
واذهب إلى دمك المهيّأ لانتشارك
و اذهب إلى دمي الموحّد في حصارك
لا وقت للمنفى ...
و للصور الجميلة فوق جدران الشوارع و الجنائز
و التمني
كتبت مراثيها الطيور و شرّدتني
ورمت معاطفها الحقول و جمعتني
فاذهب بعيدا في دمي ! و اذهب بعيدا في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
يا أحمد اليوميّ ‍
يا اسم الباحثين عن الندى و بساطة الأسماء
يا اسم البرتقاله
يا أحمد العاديّ ‍!
كيف محوت هذا الفارق اللفظيّ بين الصخر و التفاح
بين البندقيّة و الغزاله !
لا وقت للمنفى و أغنيتي ...
سنذهب في الحصار
حتى نهايات العواصم
فاذهب عميقا في دمي
اذهب براعم
و اذهب عميقا في دمي
اذهب خواتم
و اذهب عميقا في دمي
اذهب سلالم
يا أحمد العربيّ... قاوم !
لا وقت للمنفى و أغنيتي ...
سنذهب في الحصار
حتى رصيف الخبز و الأمواج
تلك مساحتي و مساحة الوطن - الملازم
موت أمام الحلم
أو حلم يموت على الشعار
فاذهب عميقا في دمي و اذهب عميقا في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
... و له انحناءات الخريف
له وصايا البرتقال
له القصائد في النزيف
له تجاعيد الجبال
له الهتاف
له الزفاف
له المجلّات الملوّنه
المراثي المطمئنة
ملصقات الحائط
العلم
التقدّم
فرقة الإنشاد
مرسوم الحداد
و كل شيء كل شيء كل شيء
حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح مجهه
يا أحمد المجهول !
كيف سكنتنا عشرين عاما و اختفيت
و ظلّ وجهك غامضا مثل الظهيرة
يا أحمد السريّ مثل النار و الغابات
أشهر وجهك الشعبيّ فينا
واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟
يا أيّها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت
و ابتعدوا قليلا عنه كي تجدوه فيكم
حنطة ويدين عاريتين
وابتعدوا قليلا عنه كي يتلو وصيّته
على الموتى إذا ماتوا
و كي يرمي ملامحه
على الأحياء ان عاشوا !
أخي أحمد !
و أنت العبد و المعبود و المعبد
متى تشهد
متى تشهد
متى تشهد ؟

كأني أحبك







لماذا نحاول هذا السفر
و قد جرّدتني من البحر عيناك
و اشتعل الرمل فينا ..
لماذا نحاول؟
و الكلمات التي لم نقلها
تشرّدنا..
و كل البلاد مرايا
و كل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر؟
هنا قتلوك
هنا قتلوني.
هنا كنت شاهدة النهر و الملحمه
و لا يسأم النهر
لا يتكلّم
لا يتألم
في كلّ يوم لنا جثّه
و في كلّ يوم أوسمه
هنا وقف النهر ما بيننا
حارسا
يجهل الضفتين
توأمين
بعيدين، كالقرب، عنّا
قريبين، كالبعد، منّا
و لا بد من حارس
آه لا بدّ من حارس بيننا،




















كأنّ المياه التي تفصل الضفتين
دم الجسدين
و كنّا هنا ضفتين
و كنّا هنا جسدين
و كلّ البلاد مريا
و كلّ المريا حجر
لماذا نحاول هذا السفر؟
كأنّ الجبال اختفت كلها
و كأنّي أحبّك













كان المطار الفرنسيّ مزدحما
بالبضائع و الناس.
كل البضائع شرعية
ما عدا جسدي










آه.. يا خلف عينيك.. يا بلدي
كنت ملتحما
بالوراء الذي يتقدّم
ضيعت سيفي الدمشقي متهما
بالدفاع عن الطين







ليس لسيفي رأي بأصل الخلافة
فاتهموني..
علّقوني على البرج
و انصرفوا
لترميم قصر الضيافة




كأني أحبّك حقا
فأغمدت ريحا بخاصرتي
كنت أنت الرياح و كنت الجناح
و فتشت عنك السماء البعيدة
و قد كنت أستأجر الحلم
_للحلم شكل يقلدها_
و كنت أغنّي سدى
لحصان على شجر
و في آخر الأرض أرجعني البحر
كلّ البلاد مرايا
و كل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر ؟
تكونين أقرب من شفتيّ
و أبعد من قبلة لا تصل
كأنّي أحبّك
كان الرحيل يطاردني في شوارع جسمك
و كان الرحيل يحاصرني في أزقّة جسمك
فأترك صمتي على شفتيك
و أترك صوتي على درج المشنقه
كأنّي أحبّك
كان الرحيل يخبئني في جزائر جسمك
_واسع ضيق هذا المدى _
و الرحيل يخّبئني في فم الزنبقة
أعيدي صياغة وقتي
لأعرف أين أموت سدى
مر يوم بلا شهداء
أعيدي صياغة صوتي
فإن المغني الذي ترسم الفتيات له صورة
صادروا صوته
_مرّ يوم بلا شهداء_
و بين الفراغين أمشي إليك وفيك
و أولد من نطفة لا أراها
و ألعب في جثّتي و القمر
لماذا نحاول هذا السفر
و كل البلاد مرايا
و كل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر؟