الأربعاء، 20 أغسطس 2008

أثر الفراشة



أَثَرُ الفراشة لا يُرى
أَثَرُ الفراشة لا يزولُ



هو جاذبيّةُ غامضٍ
يستدرج المعنى، ويرحلُ
حين يتَّضحُ السبيلُ


هو خفَّةُ الأبديِّ في اليوميّ
أشواقٌ إلى أَعلى
وإشراقٌ جميلُ

هو شامةٌ في الضوء تومىء
حين يرشدنا إلى الكلماتِ
باطننا الدليلُ


هو مثل أُغنية تحاولُ
أن تقول، وتكتفي
بالاقتباس من الظلالِ
ولاتقول...
أَثَرُ الفراشة لا يُرى
أَثَرُ الفراشة لا يزولُ!

ريتا .. أحبيني


في كلّ أمسية، نخّبيء في أثينا
قمرا و أغنية. و نؤوي ياسينا

قالت لنا الشرفات:
لا منديله يأتي
و لا أشواقه تأتي
و لا الطرقات تحترف الحنينا.


نامي! هنا البوليس منتشر
هنا البوليس، كالزيتون، منتشر
طليقا في أثينا
في الحلم، ينضم الخيال إليم
تبتعدين عني.
و تخاصمين الأرض
تشتعلين كالشفق المغنّي
ويداي في الأغلال.
"سنتوري" بعيد مثل جسمك
في مواويل المغنّ..

ريتا.. أحبّيني و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين ..

الحبّ ممنوع..
هنا الشرطيّ و القدر العتيق
تتكسر الأصنام إن أعلنت حبك
للعيون السود
قطاع الطريق
يتربصون بكل عاشقة
أثينا.. يا أثينا.. أين مولاتي؟
_على السكّين ترقص
جسمها أرض قديمة
و لحزنها وجهان:
وجه يابس يرتدّ للماضي
ووجه غاص في ليل الجريمة

و الحب ممنوع ،
هنا الشرطيّ، و اليونان عاشقة يتيمة
في الحلم، ينضمّ الخيال إليك ،
يرتدّ المغني
عن كل نافذة، و يرتفع الأصيل
عن جسمك المحروق بالأغلال
و الشهوات و الزمن البخيل.
نامي على حلمي. مذاقك لاذع
عيناك ضائعتان في صمتي
و جسمك حافل بالصيف و الموت الجميل .
في آخر الدنيا أضمّك
حين تبتعدين ملء المستحيل .

ريتا.. أحبّيني! و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين ..

منفاي: فلاّحون معتقلون في لغة الكآبة
منفاي: سجّانون منفيون في صوتي..
و في نغم الربابة
منفاي: أعياد محنّطة.. و شمس في الكتابة
منفاي: عاشقة تعلق ثوب عاشقها
على ذيل السحابة
منفاي: كل خرائط الدنيا
و خاتمة الكآبه
في الحلم، شفّاف ذراعك
تحته شمس عتيقة
لا لون للموتى، و لكني أراهم
مثل أشجار الحديقة
يتنازعون عليك،
ضميهم بأذرعة الأساطير التي وضعت حقيقة
لأبرّر المنفى، و أسند جبهتي
و أتابع البحث الطويل
عن سرّ أجدادي، و أول جثة
كسرت حدود المستحيل.
في الحلم شفّاف ذراعك
تحته شمس عتيقة
و نسيت نفسي في خطى الإيقاع
ثلثي قابع في السجن
و الثلثان في عشب الحديقة

ريتا.. أحبّيني! و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين ..

الحزن صار هوية اليونان،
و اليونان تبحث عن طفولتها
و لا تجد الطفولة
تنهار أعمدة الهياكل
أجمل الفرسان ينتحرون.
و العشّاق يفترقون
في أوج الأنوثة و الرجوله .
دعني و حزني أيّها الشرطيّ،
منتصف الطريق محطّتي ،
و حبيبتي أحلى قتيلة.
ماذا تقول؟
تريد جثذتها؟
لماذا؟
كي تقدمها لمائدة الخليفة؟
من قال إنك سيدي ؟
من قال إن الحبّ ممنوع ؟
و إن الآلهه
في البرلمان ؟
و إن رقصتنا العنيفة
خطر على ساعات راحتك القلية؟!


الحزن صار هوية اليونان،
و اليونان تبحث عن طفولتها
و لا تجد الطفولة.
حتى الكآبه صادرتها شرطة اليونان
حتى دمعة العين الكحيلة.
في الحلم، تتّسع العيون السود
ترتجف السلاسل ..
يستقبل الليل..
تنطلق القصيدة
بخيالها الأرضيّ ،
يدفعها الخيال إلى الأمام.. إلى الأمام
بعنف أجنحة العقيدة
و أراك تبتعدين عني
آه.. تقتربين مني
نحو آلهة جديدة.
ويداي في الأغلال، لكني
أداعب دائما أوتار سنتوري البعيدة
و أثير جسمك..
تولد اليونان..
تنتشر الأغاني ..
يسترجع الزيتون خضرته ..
يمر البرق في وطني علانية
و يكتشف الطفوله عاشقان..
ريتا.. أحبّيني !و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أحزان السجين..

أنا آت الى ظل عينيك


أنا آت إلى ظل عينيك ..آت
من خيام الزمان البعيد، و من لمعان السلاسل


أنت كل النساء اللواتي
مات أزواجهن، و كل الثواكل
أنت
أنت العيون التي فرّ منها الصباح
حين صارت أغاني البلابل
ورقا يابسا في مهب الرياح!

أنا آت إلى ظلّ عينيك.. آت
من جلود تحاك السجاجيد منها.. و من حدقات
علقت فوق جيد الأميرة عقدا.
أنت بيتي و منفاي.. أنت
أنت أرضي التي دمّرتني
أنت أرضي التي حوّلتني سماء..
و أنت
كل ما قيل عنك ارتجال و كذبه

لست سمراء،
لست غزالا،
و لست الندى و النبيذ،
و لست
كوكبا طالعا من كتاب الأغاني القديمة
عندما ارتجّ صوت المغنين.. كنت
لغة الدم حين تصير الشوارع غابه
و تصير العيون زجاجا
و يصير الحنين جريمة
لا تموتي على شرفات الكآبه
كلّ لون على شفتيك احتفال
بالليالي التي انصرمت.. بالنهار الذي سوف يأتي
إجعلي رقبتي عتبات التحول،
أول سطر بسفر الجبال
الجبال التي أصبحت سلما نحو موتي !
و السيط التي احترقت فوق ظهري و ظهرك
سوف تبقى سؤال
أين سمسار كل المنابر؟


أين الذي كان.. كان يلوك حجارة قبري و قبرك
ما الذي يجعل الكلمات عرايا؟
ما الذي يجعل الريح شوكا، و فحم الليالي مرايا؟
ما الذي ينزع الجلد عني، و يثقب عظمي؟
ما الذي يجعل القلب مثل القذيفه؟
وضلوع المغنين سارية للبيارق؟
ما الذي يفرش النار تحت سرير الخليفة؟
ما الذي يجعل يجعل الشفتين صواعق؟

غير حزن المصفد حين يرى
أخته.. أمه.. حبه
لعبة بين أيدي الجنود
و بين سماسرة الخطب الحامية
فيعض القيود. و يأتي
إلى الموت.. يأتي
إلى ظل عينيك.. يأتي!
أنا آت إلى ظل عينيك آت
من كتاب الكلام المحنط فوق الشفاه المعاده
أكلت فرسي، في الطريق، جراده
مزّقت جبهتي، في الطريق، سحابه
صلبتني على الطريق ذبابة!


فاغفري لي..
كل هذا الهوان ،اغفري لي
انتمائي إلى هامش يحترق !
و اغفري لي قرابه
ربطتني بزوبعة في كؤوس الورق
و اجعليني شهيد الدفاع
عن العشب
و الحب
و السخرية
عن غبار الشوارع أو غبار الشجر
عن عيون النساء جميع النساء
و عن حركات الحجر.

و اجعليني أحب الصليب الذي لا يحب
واجعليني بريقا ضغيرا بعينيك
حين ينام اللهب

أنا آت إلى ظل عينيك.. آت
مثل نسر يبيعون ريش جناحه
و يبيعون نار جراحه
بقناع. و باعوا الوطن
بعصا يكسرون بها كلمات المغني
و قالوا: اذبحوا و اذبحوا..
ثم قالوا هي الحرب كر وفر
ثم فروا..
وفروا
وفروا..
و تباهوا.. تباهوا..

أوسعوهم هجاء وشتما، و أودوا بكل الوطن !
حين كانت يداي السياج، و كنت حديقه
لعبوا النرد تحت ظلال النعاس
حين كانت سياط جهنم تشرب جلدي
شربوا الخمر نخب انتصار الكراسي !..
حين مرت طوابير فرسانهم في المرايا
ساومونا على بيت شعر، و قالوا:
ألهبوا الخيل.كل السبايا
أقبلت أقبلت من خيام المنافي
كذبوا لم يكن جرحنا غير منبر
للذي باعة.. باع حطين.. باع السيوف ليبني منبر
نحو مجد الكراسي!

أنا آت إلى ظل عينيك.. آت
من غبار الأكاذيب.. آت
من قشور الأساطير آت
أنت لي.. أنت حزني و أنت الفرح
أنت جرحي و قوس قزح
أنت قيدي و حريتي
أنت طيني و أسطورتي
أنت لي.. أنت ل..ي بجراحك
كل جرح حديقة !
أنت لي.. أنت لي.. بنواحك
كل صوت حقيقه
أنت شمسي التي تنطفيء
أنت ليلي الذي يشتعل
أنت موتي ،و أنت حياتي

و سآتي إلى ظل عينيك.. آت
وردة أزهرت في شفاه الصواعق
قبلة أينعت في دخان الحرائق
فاذكريني ..إذا ما رسمت القمر
فوق وجهي ،و فوق جذوع الشجر
مثلما تذكرين المطر
و كما تذكرين الحصى و الحديقه
و اذكريني ،
كما تذكرين العناوين في فهرس الشهداء
أنا صادقّت أحذية الصبية الضعفاء
أنا قاومت كل عروش القياصرة الأقوياء
لم أبع مهرتي في مزاد الشعار المساوم
لم أذق خبز نائم
لم أساوم
لم أدق الطبول لعرس الجماجم
و أنا ضائع فيك بين المراثي و بين الملاحم
بين شمسي و بين الدم المستباح
جئت عينيك حين تجمد ظلي
و الأغاني اشتهت قائليها!..

الجسر



مشيا على الأقدام،
أو زحفا على الأيدي نعود




قالوا..
و كان الضخر يضمر
و المساء يدا تقود ..



لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق
دم و، مصيدة ، و بيد
كل القوافل قبلهم غاصت،



و كان النهر يبصق ضفّتيه
قطعا من اللحم المفتت،
في وجوه العائدين

كانوا ثلاثة عائدون:
شيخ، و ابنته، وجندي قديم
يقفون عند الجسر..
كان الجسر نعاسا، و كان الليل قبّعة
و بعد دقائق يصلون ،هل في البيت ماء؟



و تحسس المفتاح ثم تلا من القرآن آيه ...)
قال الشيخ منتعشا: و كم من منزل في الأرض
يألفه الفتي
قالت: و لكن المنازل يا أبي أطلال!
فأجاب: تبنيها يدان ..
و لم يتم حديثه، إذ صاح صوت في الطريق: تعالوا!


و تلته طقطقة البنادق ..
لن يمرّ العائدون
حرس الحدود مرابط
يحمي الحدود من الحنين


(أمر بإطلاق الرصاص على الذي يجتاز
هذا الجسر. هذا الجسر مقصلة الذي رفض
التسول تحت ظل وكالة الغوث الجديدة
و الموت بالمجان تحت الذل و الأمطار، من
يرفضه يقتل عند هذا الجس، هذا الجسر
مقصلة الذي ما زال يحلم بالوطن )


الطلقة الأولى أزاحت عن جبين اللليل
قبعة الظلام
و الطلقة الأخرى..
أصابت قلب جندي قديم


و الشيخ يأخذ كف ابنته و يتلو
همسا من القرآن سورة
و بلهجة كالحلم قال:
_عينا حبيبتي الصغيرة،
لي، يا جود، ووجهها القمحي لي
لا تقتلوها ، و اقتلوني


(كانت مياه النهر أغزر.. فالذين
رفضوا هناك الموت بالمجان أعطوا النهر لونا آخرا.
و الجسر، حين يصير تمثالا، سيصبغ_ دون
ريب_ بالظهيرة و الدماء و خضرة الموت
المفاجيء)



..و برغم أن القتل كالتدخين ..
لكنّ الجنود "الطيبين".
الطالعين على فهارس دفتر ..
قذفته أمعاء السنين .
لم يقتلوا الاثنين..


كان الشيخ يسقط في مياه النهر
و البنت التي صارت يتيمه
كانت ممزقة الثياب ،
وطار عطرك الياسمين
عن صدرها العاري الذي
ملأته رائحة الجريمة
و الصمت خيم مرة أخرى ،



و عاد النهر يبصق ضفتيّه
قطعا من اللحم المفتت
..في وجوه العائدين

لم يعرفوا أن الطريق إلى الطريق
دم و مصيدة. و لم يعرف أحد
شيئا عن النهر الذي
يمتص لحم النازحين


الجسر يكبر كل يوم كالطريق،
و هجرة الدم في مياه النهر تنحت من حصى
الوادي تماثيلا لها لون النجوم، و لسعة الذكرى،
و طعم الحب حين يصبر أكبر من عبادة)

عازف الجيتار المتجول

كان رسّاما،
ولكن الصّور
عادة،
لا تفتح الأبواب
لا تكسرها..
لا تردّ الحوت عن وجه القمر.
(يا صديقي ،أيّها الجيتار
خذني..
للشبابيك البعيده)
شاعرا كان،
ولكن القصيده
يبست في الذاكره
عندما شاهد يافا
فوق سطح الباخره
(يا صديقي ، أيّها الجيتار
خذني..
للعيون العسليّه)

كان جنديّا،
ولكن شظيّه
طحنت ركبته اليسرى
فأعطوه هديّه:
رتبة أخرى
ورجلا خشبّيه!..
(يا صديقي ، أيّها الجيتار
خذني..
للبلاد النائمه)
عازف الجيتار يأتي
في الليالي القادمه
عندما ينصرف الناس ألى جمع تواقيع الجنود
عازف الجيتار يأتي
من مكان لا نراه
عندما يحتفل الناس بميلاد الشهود
عازف الجيتار يأتي
عاريا، أو بثياب داخليّه.
عازف الجيتار يأتي
وأنا كدت أراه
وأشمّ الدم في أوتاره
وأنا كدت أراه
سائرا في كل شارع
كدت أن أسمعه
صارخا ملءالزوابع
حدّقوا:
تلك رجل خشبّيه
واسمعوا:
تلك موسيقى اللحوم البشريّه

عائد الى يافا


هو الآن يرحل عنا
ويسكن يافا
و يعرفها حجرا حجرا
و لا شيء يشبهه
و الأغاني
تقّلده..
تقلد موعده الأخضرا.

هو الآن يعلن صورته_
و الصنوبر ينمو على مشنقة
هو الآن يعلن قصّته_
و الحرائق تنمو على زنبقة

هو الآن يرحل عنا
ليسكن يافا
و نحن بعيدون عنه.
و يافا حقائب منسية في مطار
و نحن بعيدون عنه.

لنا صور في جيوب النساء.
و في صفحات الجرائد،
نعلن قصّتنا كل يوم
لنكسب خصلة ريح وقبلة نار.
و نحن بعيدون عنه،

نهيب به أن يسير إلى حتفه..
نحن نكتب عنه بلاغا فصيحا
و شعرا حديثا
و نمضي.. لنطرح أحزاننا في مقاهي الرصيف
و نحتجّ: ليس لنا في المدينة دار.
و نحن بعيدون عنه،

نعانق قاتله في الجنازة،
نسرق من جرحة القطن حتى نلمع
أوسمة الصبر و الانتظار

هو الآن يخرج منا
كما تخرج الأرض من ليلة ماطره
و ينهمر الدم منه
و ينهمر الحبر منّا.
و ماذا نقول له؟- تسقط الذاكرة
على خنجر؟
و المساء بعيد عن الناصرة !
هو الآن يمضي إليه
قنابل أو.. برتقاله

و لا يعرف الحدّ بين الجريمة حين تصير حقوقا
و بين العدالة
و ليس يصدّق شيئا
و ليس يكذب شيئا.

هو الآن يمضي.. و يتركنا
كي نعارض حينا
و نقبل حينا .

هو الآن يمضي شهيدا
و يتركنا لاجئينا!
و نام
و لم يلتجيء للخيام
و لم يلتجيء للموانيء
و لم يتكلّم
و لم يتعّلم
و ما كان لاجيء
هي الأرض لاجئة في جراحة
و عاد بها .

لا تقولوا: أبانا الذي في السموات
قولوا: أخانا الذي أخذ الأرض منا
و عاد..

هو الآن يعدم
و الآن يسكن يافا
و يعرفها حجرا.. حجرا
و لا شيء يشبهه
و الأغاني
تقلّده.

تقلد موعده الأخضرا
لترتفع الآن أذرعة اللاجئين
رياحا.. رياحا
لتنشر الآن أسماؤهم
جراحا.. جراحا.
لتنفجر الآن أجسادهم
صباحا.. صباحا.

لتكتشف الأرض عنوانها
و نكتشف الأرض فينا.

المدينة المحتلة


الطفلة احترقت أمّهاا
أمامها..
احترقت كالمساء.

وعلّموها: يصير اسمها_
في السّنة القادمه_
سيدة الشهداء
وسوف تأتي إليها
إذا وافق الأنبياء!


الطفلة احترقت أمها
أمامها..
احترقت كالمساء

من يومها،
لا تحب القمر
ولا الدّمى
كلّما
جاء المسا، صرخت كلّها:
أنا قتلت القمر
لأنه قال لي.. قال.. قال:
أمّك لا تشبه البرتقال
ولا جذوع الشجر
أمك في القبر
لا في السماء.

الطفلة احترقت أمها
أمامها..
احترقت كالمساء..