الأربعاء، 20 أغسطس 2008

عائد الى يافا


هو الآن يرحل عنا
ويسكن يافا
و يعرفها حجرا حجرا
و لا شيء يشبهه
و الأغاني
تقّلده..
تقلد موعده الأخضرا.

هو الآن يعلن صورته_
و الصنوبر ينمو على مشنقة
هو الآن يعلن قصّته_
و الحرائق تنمو على زنبقة

هو الآن يرحل عنا
ليسكن يافا
و نحن بعيدون عنه.
و يافا حقائب منسية في مطار
و نحن بعيدون عنه.

لنا صور في جيوب النساء.
و في صفحات الجرائد،
نعلن قصّتنا كل يوم
لنكسب خصلة ريح وقبلة نار.
و نحن بعيدون عنه،

نهيب به أن يسير إلى حتفه..
نحن نكتب عنه بلاغا فصيحا
و شعرا حديثا
و نمضي.. لنطرح أحزاننا في مقاهي الرصيف
و نحتجّ: ليس لنا في المدينة دار.
و نحن بعيدون عنه،

نعانق قاتله في الجنازة،
نسرق من جرحة القطن حتى نلمع
أوسمة الصبر و الانتظار

هو الآن يخرج منا
كما تخرج الأرض من ليلة ماطره
و ينهمر الدم منه
و ينهمر الحبر منّا.
و ماذا نقول له؟- تسقط الذاكرة
على خنجر؟
و المساء بعيد عن الناصرة !
هو الآن يمضي إليه
قنابل أو.. برتقاله

و لا يعرف الحدّ بين الجريمة حين تصير حقوقا
و بين العدالة
و ليس يصدّق شيئا
و ليس يكذب شيئا.

هو الآن يمضي.. و يتركنا
كي نعارض حينا
و نقبل حينا .

هو الآن يمضي شهيدا
و يتركنا لاجئينا!
و نام
و لم يلتجيء للخيام
و لم يلتجيء للموانيء
و لم يتكلّم
و لم يتعّلم
و ما كان لاجيء
هي الأرض لاجئة في جراحة
و عاد بها .

لا تقولوا: أبانا الذي في السموات
قولوا: أخانا الذي أخذ الأرض منا
و عاد..

هو الآن يعدم
و الآن يسكن يافا
و يعرفها حجرا.. حجرا
و لا شيء يشبهه
و الأغاني
تقلّده.

تقلد موعده الأخضرا
لترتفع الآن أذرعة اللاجئين
رياحا.. رياحا
لتنشر الآن أسماؤهم
جراحا.. جراحا.
لتنفجر الآن أجسادهم
صباحا.. صباحا.

لتكتشف الأرض عنوانها
و نكتشف الأرض فينا.

ليست هناك تعليقات: